المادة    
عندما نرى واقع الأمة الممزق وما فعله الرافضة والعبيديون والباطنيون -وهم جزء من أولئك الروافض- ونرى خيانتهم؛ نجد أن الأمة وصلت إلى حالة من التردي لا تكاد تصدق.
في هذه الظروف هيأ الله سبحانه وتعالى من عنده مَن يرفع لواء الجهاد على الصليبيين، كيف بدأ الجهاد؟
الأمر الأول: يذكر المؤرخون -ولا داعي للإطالة في النقول- أن أول من ألهبوا حماس الأمة وأشعلوا الغيرة والحمية الإسلامية هم العلماء والدعاة وأئمة المساجد حيث خطبوا في المساجد وفي كل مكان، ومنها بغداد ؛ حتى إن العامة تظاهروا أمام الخليفة في بغداد، وكانوا يضجون ويقولون: لم لا نجاهد ولا نقاتل؟ الصليبيون يفتكون بإخواننا، ويدمرون مدن الإسلام ونحن قاعدون؟!
فقامت الدعوة أولاً من المساجد، وكانت دعوة جهادية قام بها العلماء والدعاة والخطباء.
الأمر الثاني: أن الدعوة قامت نقية من الولاءات المشبوهة؛ وهذا من أهم عوامل النصر؛ قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ))[آل عمران:118].
فمن المستحيل لأي جيش جهادي أن ينتصر وفيه الخونة، أو من هو موال للخونة، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا ما أثنى على قادة الجهاد العظام: نور الدين وصلاح الدين، سنستعرض إن شاء الله سيرة الأول منهما.
ذكر رحمه الله في الجزء الثامن والعشرين من مجموع الفتاوى أن الله سبحانه وتعالى أذل دولة الرافضة العبيديين في مصر ؛ لأن وزراءهم كانوا من اليهود ومن النصارى من الأرمن وغيرهم؛ ولأنهم والوا الكافرين، فجعلوا لله عز وجل سلطاناً عليهم وحجة له بإهلاكهم، كما قال الله عز وجل: ((أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً))[النساء:144] فجعلوا لله عليهم سلطاناً مبيناً بموالاتهم للكافرين؛ فأذلهم الله سبحانه وتعالى.
وذكر كيف استنجد المصريون بـنور الدين : (ثم أرسل إليهم القائد المعروف أسد الدين. وكان معه ابن أخيه صلاح الدين قال: "وصلاح الدين وأهل بيته ما كانوا يوالون النصارى -يريد أن يبين سبب انتصارهم- ولم يكونوا يستعملون منهم أحداً في شيء من أمور المسلمين أصلاً".
لا يمكن ذلك؛ لأن من استشارهم فقد خان الأمة؛ ومن ولّاهم فقد أعز من أَمَر الله تبارك وتعالى أن يهان ويذل.
يقول رحمه الله: "ولهذا كانوا مؤيدين منصورين على الأعداء مع قلة المال والعدد".
وقال في الجزء الرابع صفحة (22): "وكذلك السلطان نور الدين محمود الذي كان في الشام -وهو الذي أرسل صلاح الدين وأسد الدين شيركوه إلى مصر- عز أهل الإسلام والسنة في زمنه، وذل الكفار وأهل البدع ممن كان بـالشام ومصر وغيرهما من الرافضة والجهمية ونحوهم".